تعرف منطقة القبائل بثروتها النباتية المتنوعة، ولكن أصنافا عديدة من الأشجار والشجيرات تكاد تندثر وتزول، ومنها شجيرة الزعرور أو الزعرور البرّي، من بين الأنواع النباتية المهدّدة بالاختفاء، حيث سجّلت تراجعا ملحوظا بسبب النقص الشديد لعملية الغرس أو انعدامها.
وفي هذا الصدد، تقول المهندسة علاوة، «تنتمي هذه الشجرة التي تتميز بقدرتها الكبيرة على التكيف مع مختلف أنواع المناخ، خاصة الصحراوية والجافة منها، إلى فصيلة الورديات، وتحمل التسمية اللاتينية «كراتايڤوس آزارولوس»، كما تتميز أيضا أنها تنمو في الأراضي الوعرة والشديدة الانحدار.
وتملك كل من منطقتي أيت وغليس وأيت منصور حصتها من هذه الفاكهة، التي يميل طعمها إلى الحموضة بشكل طفيف ويطلق عليها محليا اسم «توبراست» أو «زعرور»، ولا يعتبر الخريف بالنسبة للأطفال الصغار المولعين بالمرح والمكافآت فصلا مختلفا عن غيره من الفصول، حيث يستمتعون خلاله بمختلف الألعاب الترفيهية على سبيل لعبة كرات البلي وغيرها، بل وفضلا عن هذا، يعتبر موسم الخريف مناسبة تشهد إحياء تقليد متبع منذ أمد طويل، ويتمثل الأمر بقطف واستهلاك فاكهة الزعرور الشهيّة، التي تتميز بلبّها السميك المليء بالعصارة، وهي فاكهة لا يفوق حجمها حجم كرية صغيرة، وقد عاينّا قيام العديد من القرويين بما فيهم الأطفال، بالمباشرة خلال الأسابيع القليلة الماضية، بكل حماس وسرور في جني هذه الفاكهة الصفراء».
في بلدية شميني، تنمو شجرة الزعرور وسط غابات العنّاب والزيتون والبلوط وغيرها من الأشجار، خاصة في المناطق المرتفعة، وبحسب السيد نادير فلاح بالمنطقة، تتغذى من أشعة الشمس صيفا ومن الأمطار خريفا، والمعلوم أن ثمار الزعرور جدّ محبوبة لدى القرويين، خاصة التي تقطف منها أسفل جبل أكفادو، حيث غالبا ما تمتاز بسمك لبّها وكونها مليئة بالماء والعصارة.
وتتواجد أيضا «توبراست» بكميات معتبرة في كل من أكفادو وتيبان وتيفرة وغيرها من المناطق، ما من شأنه إسعاد الكبار والصغار، وعلى بعد بضع عشر كيلومترات باتجاه الجهة السفلية، بسيدي عيش، يعرض الباعة المتجولون هذه الفاكهة على حواف الطرقات بسعر 25 دج للكأس الواحد.
مضيفا، أن تسمية الزعرور تنحدر من الكلمة الاسبانية
«آسيرولا»، والتي تعني فاكهة شجيرة (آزارولوس كراتايڤوس)، وتسمى زعرور بالقبائلية أيضا، وعليه، فمن المرجح أن يكون سكان إفريقيا الشمالية من قاموا بإدخال شجرة الزعرور إلى اسبانيا، ما يفسر تسميتها بـ»شوكة اسبانيا»، وينبغي الإشارة إلى أن فاكهة الزعرور غنية بالفيتامينات والسكريات المتعدّدة (البكتين والسكروز)، كما أنها غنية بمواد مضادة للأكسدة، ولكن المؤسف في الأمر أن استهلاك هذه الفاكهة ينحصر على الاستهلاك الشخصي، في حين أنه من المثير للاهتمام التعريف بها على نطاق أوسع، خاصة أنها بالإضافة إلى الذوق الرائع الذي تتميز به، من الممكن أن تحوّل إلى مربّى وعصائر.